يوسف حنا... وجه لا يغيب عن الذاكرة بعد 18 عاماً من الرحيل
03-12-2011
يوسف حنا... وجه لا يغيب عن الذاكرة بعد 18 عاماً من الرحيل
تفرد الممثل الراحل يوسف حنا بكاريزما ذات خصوصية عالية في تاريخ الفن في سورية سواء على صعيد التلفزيون أو المسرح أو السينما فكان مجرد حضوره في عمل فني يعطي قيمة للعمل فالرجل النحيل ذو التقاطيع البارزة و الهدوء و الحزم الذي يتوضح دائماً في وجهه جعله أيقونة في فن التمثيل يلجأ المخرجون إليها عندما يريدون تقديم شخصيات معينة.
و كان حنا يمثل صورة الرجل الحكيم القوي العقلاني النظيف و الذي غالباً ما يعتبر مرجعية في مختلف القضايا حتى أصبحت هذه الصفات ملازمة له في مختلف أعماله فهو المثال الذي يحتذى دائماً و يرتجى عند الصعاب.
ولد الراحل في بلدة الرامة قرب عكا بفلسطين عام 1941 و بدا حياته الفنية في سورية حيث يعتبر من أهم مؤسسي /المسرح الوطني الفلسطيني/ في دمشق في خمسينيات القرن الماضي ليسطع نجمه بقوة و بفترة قصيرة جداً و يصبح أحد أهم أركان التمثيل بصورة رجل ارتبط بذاكرة الجمهور حتى الآن بدءاً من عمله في ندوة الفكر و الفن و ثم في فرقة الفنون الدرامية التابعة للتلفزيون السوري ثم في المسرح القومي حيث عمل في خيرة عروضه مثل أنيتبون/القضية/ الأشجار تموت واقفة/حكاية حب/حرم سعادة الوزير/فلسطينيات/ تاجر البندقية/ الملك هو الملك /وغيرها.
كان الفن بالنسبة له قضية وحياة أكثر مما هو مهنة حيث كان يردد دائما.. الفن يلزمه أناس يتحملون المسؤولية.. يتعبون.. يتعذبون.. يقرؤون.. يتعلمون... يدركون ما يحدث حولهم وفي العالم لذلك .. الممثل أفهم الناس وأكثرهم رهافةً في الإحساس بالجمال فهو بالمقابل يقف على الخشبة بمستوى أعلى من المشاهد يقدم ذاته.. روحه.. خبرته.. عقله.. أعصابه.. لحمه ودمه.
و شارك حنا في الكثير من الأفلام السينمائية منذ بدايات عمل المؤسسة العامة للسينما كما شارك في سينما القطاع الخاص و كانت أهم أفلامه /رجال تحت الشمس/المخدوعون/المطلوب رجل واحد/وجه آخر للحب/العار/راقصة على الجراح/حبيبتي يا حب التوت/القلعة الخامسة/قتل عن طريق التسلسل/الشمس في يوم غائم/شيء ما يحترق.
في التلفزيون كانت لحنا بطولات في أهم كلاسيكيات التلفزيون السوري بدءاً من حارة القصر ومروراً بأولاد بلدي/أسعد الوراق/عز الدين القسام/حصاد السنين/شجرة النارنج/هجرة القلوب إلى القلوب/أبو كامل/الشريد/ البديل/اختفاء رجل/الدغري/العروس و غيرها.
و قد اتجه الكثير من المخرجين السوريين للقول إن يوسف حنا هو النجم الأول للتراجيدية في الفن السوري و خاصة بعد مجموعة من الأدوار التلفزيونية و المسرحية التي شكلت جزءاً هاماً من الذاكرة الفنية و ربما يتخاطر دوره في مسرحية كاسك يا وطن مع الفنان دريد لحام إلى الأذهان بمجرد ذكر اسمه على اعتبار أنه من أهم الأدوار الوطنية التي قدمت على الخشبة المحلية.
عاش حنا تجربة الفن الصعب و الإنتاج الضئيل حيث كافح و زملاؤه لتكريس الحالة الفنية التي كانت في وقت سابق صناعة بسيطة تشوبها الكثير من المعوقات أهمها الاجتماعية فواكب الراحل مرحلة البدايات و لم يتح له عمره القصير الاستمرار في التجربة حيث رحل في الأول من كانون الأول عام 1993 و كانت الدراما السورية حينها تستعد للنهضة الجديدة و الكثافة الإنتاجية.
مرت ثماني عشرة سنة على رحيله و مازالت صورته ماثلة على الشاشة بمجرد عرض نماذج كلاسيكية تلفزيونية و مسرحية سورية فالأعمال التي اشترك فيها حنا تعتبر مرجعيات خالدة يعيد عرضها التلفزيون بين الفينة والأخرى و خاصة في المناسبات الوطنية باعتباره أيضا من أهم الفنانين الذين عملوا في مجال المسرح الوطني و المسلسلات و الأفلام ذات التوجه الملتزم.